نبذة تاريخية عن وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية
يؤكد الباحثون أن أبناء اليمن السعيد اهتموا بالزراعة وشيدوا السدود وبنوا المدرجات الزراعية، ونتيجة انهيار سد مأرب ولكثير من المتغيرات المناخية السيئة لجأ سكان جنوب الجزيرة العربية الى الهجرة. حيث أسدل الستار على آخر الممالك اليمنية ( حمير ) بعد أن بلغت شأنا حضاريا" عظيما عالميا. ويشير المؤرخون أن سكان أطراف الجزيرة وخاصة اليمن كانوا على جانب كبير من الخبرة في مجال الزراعة والعناية بالإنتاج الزراعي وتربية الماشية والاستفادة من المياه من أجل ري المحاصيل الزراعية وبناء مصارف وقنوات الري بطريقة غاية في الدقة والتحكم لتصريف المياه، والمنظمة لتوزيع مياه السدود والوديان والفيضانات ومنها قنوات الصرف لسد مأرب التاريخي والتي يثبت بطريقة هندسية منتظمة، ولقد أكد الكثير من الخبراء والعلماء الذين قاموا مؤخراً بزيارة سد مأرب الجديد واطلعوا على سد مأرب التاريخي القديم أن عظمة هذا السد تتمثل في مصاريفه المحكمة لتوزيع المياه وقنواته المترامية التي تروي أكبر مساحات من الأراضي الزراعية.
وأظهرت كتابات مكتشفة بالخط المسند عن قوانين صدرت عن الدول اليمنية القديمة قبل الإسلام نظمت بموجبها العلاقات الزراعية بين المزارعين الذين يعملون في الأرض ويستفيدون منها والتي هي من املاك الدولة مؤجرة للقادرين على استثمار مثل هذه الأراضي من القبائل والمزارعين نظمت حقوق السقي والاستفادة من المياه.
بعد هذه اللمحة التاريخية عن الزراعة في اليمن نعود الى تاريخ إنشاء أول وزارة للزراعة في البلاد والذي كان في عام 1953م دون أهداف محددة لهذه الوزارة، وبأعداد محدودة من العاملين، وكانت تقوم بالإشراف على بساتين الأسرة المالكة واستغلالها فقط دون تقديم أي خدمات زراعية ما عدا تقديم خدمات مكافحة الجراد الصحراوي. ومع إشراقة فجر الثورة المباركة بدأت الجهود مسيرتها الجادة في بناء دولة اليمن الحديث فصدر القرار الجمهوري رقم (26) لسنة 1963م بشأن تحديث وتشكيل واختصاصات وزارة الزراعة بصورة مجملة، ثم قرار مجلس القيادة رقم (142) لعام 1975م بشأن إعادة تنظيم وتوسيع تنظيم وزارة الزراعة والثروة السمكية وتحديد اختصاصاتها. والذي قضى بتحديد أهداف الوزارة بوصفها الجهة المسؤولة عن قيادة القطاع الزراعي في كافة أنحاء الجمهورية.
في عام 1982م تم إنجاز أول تعداد زراعي بالعينة في عموم محافظات الجمهورية أعطى أول صورة يمكن الاعتماد عليها عن حجم القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني وخصائصه من حيث اتساع الحيازات الزراعية، وتجزؤها واستخدام أراضيها، وطرق الري، واستخدام الأسمدة والمبيدات، والآلات والحيوانات، ومساحات المحاصيل الرئيسية، وكذلك بيانات اليد العاملة العائلية المؤجرة المستخدمة في الإنتاج الزراعي، وتقدير أعداد الحيوانات والمواشي في الحيازات، ولدى الأسر الريفية، وصدرت نتائج هذا التعداد في أجزاء متتابعة لكل محافظة على حدة، وصدر بعد ذلك كتاب يشمل على النتائج النهائية لهذا التعداد على مستوى الجمهورية.
في عام 1973م تم إنشاء محطة للبحوث الزراعية أوكل لها إجراء البحوث في المجال النباتي، والقيام بتدريب المرشدين الزراعيين لتلبية احتياجات المنطقة من المرشدين المؤهلين للتنمية الريفية. و انشىء مشروع وادي زبيد، وكان من مهامه أيضاً إجراء البحوث الزراعية الخاصة بتلك المنطقة وتدريب المرشدين الزراعيين لها. ثم أنشئت معاهد زراعية ثانوية في إب وسردود ، وباشرت مهمة التدريب الزراعي، تمخض عن ذلك إصدار قانون إنشاء هيئة البحوث الزراعية في ديسمبر 1983 لتشرف على تنسيق وإجراء البحوث الزراعية في البلاد، ويعتبر هذا دفعة قوية للبحوث الزراعية في اليمن.
كما انه قد صدر القانون رقم (21) لسنة 1975م بإنشاء البنك الزراعي برأسمال قدرة مائة مليون ريال. ومع تعاظم الحركة التعاونية في البلاد، وقيام الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير في عام 1977م. ومبادرات سكان المناطق في العمل التنموي قامت الدولة بإنشاء بنك التعاون الأهلي للتطوير برأسمال قدرة مائة مليون في السنة 1979م.، صدر القانون رقم (9) لعام 1982 م بإنشاء بنك التسليف التعاوني والزراعي برأسمال قدرة ثلاثمائة مليون ريال كنتيجة لدمج بنكي التسليف الزراعي وبنك التعاون الأهلي للتطوير.
ان القطاع الزراعي صار يشكل رقماً هاماً في معادلة الاقتصاد اليمني ، ينعكس ذلك من خلال السياسات والاستثمارات التي اتخذتها ووجهتها الدولة خلال السبعينات والثمانينات، التي لعبت دوراً كبيراً في نمو القطاع الزراعي ، حيث ارتفع إنتاج الفواكه والخضراوات نتيجة الحماية والدعم والمساندة كسياسة للدولة لحماية الإنتاج المحلي حتى وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
منذ توحيد اليمن في عام 1990 قامت وزارة الزراعة الري بتنفيذ العديد من الإنجازات تجسدت في زيادة الإنتاج الزراعي بشقية النباتي والحيواني وإنشاء المزيد من المنشآت المائية في جميع محافظات الجمهورية، وإدخال وسائل وتقنيات الري الحديث وكذلك تعزيز دور البحوث الزراعية وإنتاج التقنيات المتطورة على مستوى الأراضي المطرية والمروية وتقوية خدمات الإرشاد الزراعي وتطوير المنظومة الفنية ومؤسسات الحجر البيطري والتوسع في إقامة المشاريع التسويقية وإقامة مشروعات التنمية الريفية والزراعية وتنفيذ الحملات الوطنية لمكافحة الآفات والأمراض الوبائية وتحسين برامج الإعلام والإرشاد البيطري .